نساء خادمات

مارس 20, 2022 0 Comments

من أكثر الأشياء التي تؤثر في قلبي عندما أرى شخصًا يعيش حياة التكريس، شخصًا يعيش تعاليم الرب يسوع المسيح، شخصًا له رؤية وله رسالة وله هدف..

وفي خلال الفترة الماضية تقابلت مع نماذج من الأشخاص الذين تركوا تأثيرًا عظيمًا في حياتي.

النموذج الأول:

منذ عدة أسابيع تقابلت مع ثلاث سيدات في ألمانيا، اثنتان أشقاء والثالثة صديقة ورفيقة خدمة معهم..

أما الشقيقتان فإن الكبرى تبلغ من العمر حوالي تسعين عامًا، تحول شعرها إلى اللون الأبيض وهزل جسدها جدًا، هذه السيدة أمضت أكثر من خمسين عامًا كمرسلة في السنغال وهي دولة إفريقية فقيرة، كانت تعمل كممرضة ترعى المرضى وتسهر على راحتهم وتقدم لهم رسالة الإنجيل وقد عادت إلى بلدها ألمانيا بعد أن ضعفت صحتها.

رأيت في هذه السيدة المتقدمة في السن إيمان عميق وفرح شديد بالخدمة التي قامت بها، لم تتزوج ولم يكن لها عائلة ولكنها تعلم تمامًا أنها كانت تعمل كسفيرة تسعى عن المسيح لتقديم رسالة الأمل والرجاء.

أما الشقيقة الصغرى فهي تبلغ من العمر حوالي ثمانين عامًا، هي وصديقتها الأخرى التي تبلغ حوالي خمسة وثمانين عامًا، أمضوا أكثر من أربعين عامًا كمرسلين في الهند والصين، كرسوا حياتهم لخدمة الأطفال الفقراء والعناية بهم وتقديم رسالة الإنجيل لهم.

وقد اندهشت جدًا أن هاتين السيدتين قد وضعتا منهاجًا لمدارس الأحد، عبارة عن 18 كتاب يغطي جميع المراحل العمرية من سن الحضانة حتى الإعدادي. هذا المنهاج يغطي الكتاب المقدس كله من التكوين إلى الرؤيا في أسلوب سهل وجذاب، وليس هذا فقط بل أنهم أيضًا وضعوا مع هذا المنهاج الوسائل التوضيحية السهلة البسيطة الشيقة. وقاموا بترجمة هذا المنهاج إلى اللغات الصينية والهندية والباكستانية، وقد قمنا مؤخرًا بترجمته إلى العربية وهناك الكثير من الكنائس في مصر والعالم العربي تستخدم هذا المنهاج..

يا إلهي… لقد جلست مندهشًا أمام هؤلاء السيدات ووجدت أنني جالس أمام أبطال في الإيمان. ورغم تقدم عمرهم فمازال الحماس يملأ قلوبهم، ومازالت عيونهم تلمع ببريق الفرح والأمل والرجاء.

 ما أحلى أن نقضي عمرنا في خدمة السيد.

 ما أكثر الأيام والسنين التي ضاعت منا ونحن نفعل أشياء ليس لها أهمية. وما أكثر ما نسينا رسالتنا الأساسية وهدف وجودنا على الأرض.

النموذج الثاني:

تقابلت مع صديق خادم للإنجيل يخدم الله بكل أمانة وفي ظروف صعبة وقاسية في دولة أسيوية اسمها نيبال. هذا الصديق قدم لي ابنته واسمها اليزابيث شابة تبلغ من العمر حوالي 25 عامًا.. تزوجت من شاب أحبها وأحبته وكانوا في سعادة غامرة.. وبعد أربعة أشهر من الزواج خرج زوجها للسباحة على الشاطئ مع مجموعة من أصدقائه، ولكن هذا الزوج والحبيب مات غرقًا بعد زواج دام أربعة أشهر فقط.

وظننت أنني سأتحدث إلى شابة منكسرة حزينة ناقمة ومتذمرة على ظروفها وأوضاعها الصعبة.. ولكنني وجدت شابة ناضجة صابرة شامخة وقوية راضية بإرادة الله في حياتها.. وقالت لي: لقد زادتني هذه المحنة نضوجًا وعلمتني دروسًا نافعة، لقد خرجت من هذه التجربة المريرة بدروس تساعدني أن أخدم إلهي بطريقة جديدة.. أكثر تأثيرًا وأكثر عمقًا.. قالت لي لقد تعلمت أشياء كثيرة عن الحياة كما تعلمت أشياء كثيرة عن نفسي وعن أعماقي، ومن الدروس التي تعلمتها قالت لي:

  • لو تريد أن تفعل شيئًا افعله الآن.. لا تؤجل.
  • لو تريد أن تعبر عن محبتك لشخص فافعل ذلك الآن.. لا تؤجل.
  • لو هناك علاقة مكسورة في حياتك صححها الآن.. لا تؤجل.
  • أحتضن من تحبهم الآن.. وبقوة عبر عن محبتك.. لا تؤجل.
  • لو هناك خيرًا في إمكانك أن تفعله أسرع افعله.. لا تؤجل.
  • لا تترك أي أمر للغد افعله الآن.. لأنك لا تعلم عن الغد شيئًا فربما لا يكون هناك غد…

 

عزيزي القارئ:

دروس رائعة تعلمتها من سيدات كبار في السن عرفوا خطة الله في حياتهم وساروا عليها وجاهدوا الجهاد الحسن وأكملوا السعي وحفظوا الإيمان وبالتأكيد ينتظرهم إكليل البر.

دروس رائعة تعلمتها من شابة صغيرة مرت بظروف حالكة ولكنها آمنت أن الله هو الآب المحب ولا يصنع في حياتنا شيئًا إلا لخيرنا.

إن صلاتي أن يجعل الله حياتي وحياتك نموذج وشهادة تحمل رسالة يراها العالم في حياتنا وتصرفاتنا قبل أن يسمعها كلمات من شفاهنا