الرجاء الحي
ونحن نتأمل في قيامة المسيح، كيف تكون القيامة سبب بداية جديدة وقوة جديدة بالنسبة لنا؟
لقد نظر التلاميذ إلى موت المسيح على أنه نهاية كل أحلامهم وآمالهم.
كانت كلمات تلميذي عمواس في (لوقا24: 21) تعبيرًا عن قمة اليأس والإحباط وضياع الرجاء عندما قالا: “ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل”.
مات الرجاء في داخل قلب تلميذي عمواس.. لأن المسيح مات فماتت قلوبهم ومات رجائهم وانتهت أحلامهم وتحولت وجوههم إلى العبوسة والحزن…
إن حالة الكثيرين منا كمؤمنين هذه الأيام، لا تختلف كثيرًا عما كان عليه تلميذي عمواس. فكلماتنا وتصرفاتنا وحياتنا تبدو كما لو أن المسيح مازال ميتًا في القبر.
ولكن المسيح لم يترك تلميذي عمواس في حيرتهم وعبوسهم طويلاً. فقد فتح عيونهم وقلوبهم على نور القيامة والرجاء عندما أمسك بالخبز وبارك وكسر وناولهما.. فانفتحت أعينهما وعرفاه والتهبت قلوبهما في داخلهما.
تحولت القلوب الميتة الجامدة اليائسة إلى قلوب ملتهبة وفرحة بالمسيح المقام من الأموات.. ورجعا إلى أورشليم حاملين هذه الأخبار الرائعة: أن الرب قام بالحقيقة قام..”.
لقد كانت القيامة بداية جديدة وانطلاقة جديدة بالنسبة لتلميذي عمواس.
نرى نفس المشهد يتكرر على بحر طبرية حيث اختبر بطرس نفس اختبار تلميذي عمواس.
لقد مات المخلص وانتهى الأمل والرجاء وانتهى كل شيء. فذهب إلى مهنته القديمة وحياته القديمة. لقد ذهب ليتصيد وأخذ معه مجموعة من التلاميذ اليائسين، المحبطين.. لقد كان بطرس في قمة اليأس والحزن فبعد أن أنكر السيد أمام جارية، وبعد أن رأى المسيح الذى وضع فيه أمله ورجاؤه أُخِذ إلى المحاكمة.. ثم إلى الصليب.. ثم إلى القبر.. ظن أن الأمر قد وصل إلى نهايته. وتحسر على الأيام التى أضاعها وهو يتبع المسيح حيث كان يظن أنه يتبع مسيحًا قويًا قادرًا أن يقيم الأموات، ويشبع الجياع، ويُسكِن العواصف، وينتهر الأمواج، ويجعله يتحدى الطبيعة ويمشي فوق المياه..
ولكن قد انتهت هذه القصة بالنهاية المؤلمة، فقد مات السيد ووضعوه في القبر ووضعوا على القبر حجرًا كبيرًا…
قال بطرس للتلاميذ كانت بدايتنا عند بحر الجليل فدعونا نعود إلى ماضينا الأول وبدايتنا الأولى.
ذهب بطرس والتلاميذ إلى المكان الأول الذى كانت بدايتهم فيه هناك عند بحر الجليل.
وكان هو نفس المكان الذى دعاهم منه يسوع.
وفي وسط إحباطهم وفشلهم جاء إليهم يسوع المقام من الموت ليبدأ معهم بداية جديدة، وإرسالية جديدة. ونحن نتأمل في قيامة المسيح نرى أن القيامة تحمل لنا رسالة رائعة.. رسالة مشجعة.. رسالة تحمل لنا الأمل، والرجاء.. إلى كل نفس محبطة ويائسة.
المسيح قام، وهو يدعونا إلى بداية جديدة.
إلى كل نفس عابسة ومكتئبة.. المسيح قام، وهو يدعونا إلى بداية جديدة.
إلى كل خادم فشل في خدمته وارتد إلى الوراء.. إن المسيح المقام يجدد دعوته لك من جديد.
إلى كل أسرة ممزقة متصارعة.. المسيح قام ونور قيامته يحمل لنا دعوة جديدة. دعوة إلى الأمل والرجاء والحب..
إن القيامة ليست حدثًا تاريخيًا مضى وانتهى، لكن القيامة هي رسالة جديدة إلى كل واحد فينا لتشتعل قلوبنا من جديد بنور القيامة وبحب المسيح المقام.
فالمسيح قام… بالحقيقة قام