قررت أن أسبح
“راي” صديق أمريكي من قادة التسبيح في أمريكا، وهو عازف ماهر لعدد من الآلات الموسيقية، وقد حباه الرب صوتًا عذبًا رائعًا يستخدمه في خدمة التسبيح. وقد حضر هذا الصديق وشارك معنا في أحد مؤتمرات التسبيح، وقد باركنا الله كثيرًا من خلال موهبته هذه. ولقد لاحظت أن التسبيح ليس مجرد خدمة يقوم بها في الاجتماعات الروحية ولكنه أسلوب حياته، فحياته كلها قد أوقفها على تسبيح الله وتمجيد اسمه.
وربما تظن عزيزي القارئ: أن شخصًا مثل “راي” يعيش في أمريكا ويتمتع بالشباب والصحة والحيوية من السهل عليه أن يسبح الله. ولكن الأمر الرائع أن وراء هذا الشاب قصة واختبار ربما يكون سببًا في تشجيعك وتعزيتك. فدعونا نستمع منه إلى اختباره:
يقول “راي” منذ سنوات قليلة كنت أبحث عن زوجة مناسبة، وكانت هناك فتاة رائعة أسمها “كاثى” في فريق الترنيم الذى أقوم بتدربيه. إنها كانت فتاة رائعة الجمال، قوية الإيمان، وتشترك معي في موهبة التسبيح. وقد أحببت “كاثي” من كل قلبي، وأدركت أنها العطية التي أرسلها لي الله لكي أرتبط بها. وبعد قصة حب رائعة تزوجنا وعشنا في سعادة غامرة في جو بهيج كله تفاهم ومودة وأنسجام، وأنطلقنا معًا بأكثر قوة في خدمة التسبيح…
ولكن في يوم من الأيام بدأت “كاثي” تشكو من ألم في رقبتها وظننا أن الأمر بسيط ولا يدعو للاهتمام، ولكن كان الألم يشتد، وبعد فحوص وتحاليل أكتشفنا أن “كاثي” زوجتي الرائعة الحبيبة مصابة بنوع نادر من السرطان. وبدأنا ندخل في دوامة العلاج الإشعاعي والكيماوي، وكانت وطأة الألم تشتد وتشتد. ورغم الألم والمرض لم نتوقف عن خدمة التسبيح، وقررنا أن نستمر وأن نسبح ونسبح. وكانت “كاثي” تتمزق من الألم ولكنها كانت تسبح، وكان كل من يراها لا يصدق أن وحش السرطان يفتك بجسدها من الداخل.
كانت “كاثي” تتألم ولكن إيمانها كان يزداد قوة، ومحبتها لله أزدادت عمقًا، وعلاقتنا معًا تزداد قربًا.
وبعد صراع مع المرض ماتت “كاثي” زوجتي الرائعة وشريكة خدمتي. ماتت “كاثي” وهي في قمة شبابها عن عمر لا يتجاوز 27 عامًا.
ماتت “كاثي” وتركت وراءها طفلاً رائعًا لم يتجاوز عمره سنتان. يالها من صدمة قاسية كان من الممكن أن تفقدني إيماني، وتحطم رجائي، وتجعلني أن أتوقف عن تسبيح إلهي.
ولكنني قررت أن أسبح، وأن أستمر في تمجيد إلهي، وقد ملأ الله قلبي بالفرح والسلام والتعزية. حتى أنه يوم جنازة “كاثي” أنطلقت مسبحًا لله، حتى أن كل من رأني ظن أنه قد أصابني شيء في عقلي، ولم يدرك الكثيرون سر فرحي وسلامي وتسبيحي.
إن الأمر لم يكن سرًا ولكنه حقيقة، فقد ظهرت أمامي رؤية المسيح المقام من الأموات، وتشبعت عيناى بصورة يسوع وقد غلب الموت وكسر شوكته، وتذكرت ما قاله بولس الرسول: “لأعرفه وقوة قيامته”.
وكانت قوة القيامة هي سبب عزائي وفرحي وسلامي، وأدركت أنني وكاثي كنا في سباق وإذ بكاثي تكسب السباق وتصل إلى نهاية الخط قبلي، وها أنا في سباقي وفي طريقي إليها. إلى إله السماء حيث أرى حبيبي المقام من الأموات، وأرى “كاثي” مكللة بأكليل الانتصار، وأرى كل أحبائي الذين سبقوني ووصلوا قبلي إلى هناك.
ويواصل “راي” اختباره قائلاً:
بعد موت زوجتي طالبتني المستشفى بدين مقداره 250 ألف دولار، ولم أكن أملك منهم دولارًا واحدًا، فقلت لهم: تعالوا خذوا بيتي وخذوا سيارتي فكل ما أريده في الحياة هو “قيثارتي” في يدي وصوتي وحنجرتي أشدو وأسبح بهم إلهي.
وكم كان الله رائعًا معي فإذ بالمستشفى تتنازل عن هذا الدين، وبدأت أعتني بطفلي الصغير وكنت أخذه إلى الحضانه.. وبعد عدة شهور، لاحظت أن مدرسة الحضانه تهتم بطفلي أهتمامًا غير عاديًا، وكانت تحبه وتحنو عليه، وبعد فترة تزوجت من هذه الفتاة كان أسمها “كاثي” أيضًا. وقد عوضني الله بها وهي الأن تخدم الله معي وتسبح معي…
عزيزي القارئ:
هل تسبح الله في وقت الفرح.. والصحة.. والنجاح.. وتتوقف عن التسبيح عندما تهب عليك عواصف الحياة؟؟
لا تسبح الله بناء على الظروف والأحوال لأنها لابد أن تتغير ولكن سبح الله لأنه ثابت لا يتغير في أمانته ورحمته ومحبته.
يقول المرنم في (مزمور100: 4- 5) “أدخلوا أبوابه بحمد، دياره بالتسبيح، أحمدوه باركوا اسمه لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته وإلى دور فدور أمانته”.
ويقول داود في مزمور (30: 11-12) “حولت نوحي إلى رقص لي. حللت مسحي ومنطقتني فرحًا. لكي تترنم لك روحي ولا تسكت. يارب إلى الأبد أحمدك”.
عزيزي القارئ:
إن الرب صالح إلى الأبد رحمته إلى دور فدور أمانته.
إن الرب ملك عظيم وجليل يسكن في وسط تسبيحات شعبه.
إن صلاتي أن ينزع الله من قلوبنا كل يأس، وكل فشل، وكل أحباط، وأن نرفع أعيننا إلى المسيح المقام من الأموات وأن يقرر كل منا: “قررت أن أسبِّح”.