من هو قريبي
ما معنى الإيمان المسيحي العملي؟ هل حضور الكنيسة أسبوعيًا والصلوات والترانيم ودفع العشور مؤشر على إيماننا المسيحي؟؟
حاول رجال الدين اليهودي أن يجذبوا المسيح إلى حوار ديني لاهوتي عن ما هي الوصية العظمى في الناموس، والحقيقة أن الناموس يحتوي على أكثر من 600 وصية.. إنه أمر مُحير.. ولكن يا ترى بماذا أجاب المسيح؟ لقد حوَّل المسيح هذا السؤال اللاهوتي المعقد إلى إجابة سهلة وواضحة وبسيطة.. لخص لنا الوصايا كلها إلى وصيتين هما محبة الله ومحبة الآخرين..
محبة الله، نحن نمارسها بكل الوسائل والطقوس الدينية.. ولكن المحك الحقيقي هو محبة الآخرين وخدمتهم والتضحية من أجلهم.
- لمس قلبي شاب اسمه وحيد، كان جالسًا في بيته وسمع أن هناك مصابين في المستشفيات يحتاجون إلى نقل دم، فخرج مسرعًا نحو المستشفى ليتبرع بدمه للآخرين، وأثناء وقوفه أمام المستشفى أصيب بطلق ناري في ذراعة اليُمنى وفي بطنه..
وأنقذ الله حياته بأعجوبة، وعندما ذهبت لزيارته في المستشفى رأيته مبتسمًا وقال لي: لو تطلَّب الأمر أن أموت من أجل الآخرين لفعلت ذلك.. لقد أدهشني هذا الشاب الذي ربما لا يعرف الكثير من الأمور اللاهوتية.. ولكنه فهم لب الحياة المسيحية. لقد أحب الله، وأحب الآخرين..
إنها دعوة للخروج من الذات والأنانية وأن تمد يد العون والمساعدة لخدمة الجميع دون تفرقة بين قريب وبعيد، مسلم أو مسيحي.. فهذه هي رسالتنا وهذه هي دعوتنا، إنها رسالة الحب…
- في (لو10: 25- 37)
جاء ناموسي ليجرب المسيح بسؤاله عن من هو قريبي.. وانتهز يسوع هذه الفرصة ليشرح من هو القريب من خلال قصة السامري الصالح…
نرى إنسان جريح متألم يحتاج إلى المعونة، والمساعدة.. مَر عليه كاهن ولاوي رأوا المشكلة ولكنهم لم يفعلوا شيئًا، تركوا الرجل جريحًا ولم يساعدوه مع أنهم رجال دين لم يهتموا بالأمر..
وهذا ما نفعله كثيرًا.. نهتم كثيرًا بالعبادة والخدمة والانشطة الكنسية.. ولكن نرى أشخاصًا متألمين، مجروحين، يصرخون من حولنا.. ولا نفعل شيئًا.. لا نبالي.. ولا نهتم..
ولكن السامري رأى المشكلة وتفاعل وتجاوب معها.. لم ينظر إلى هذا الجريح اليهودي على أنه عدو له، ولكن نظر إليه كإنسان متألم يحتاج إلى المساعدة..
إن هذا الجو الذي دارت فيه أحداث هذه القصة يشبه تمامًا ما نعيش فيه اليوم.
حيث انتشر اللصوص وقُطاع الطرق.. إنها مشكلة مجتمع فاسد ساد فيه الظلم وانعدم فيه الأمن والأمان..
وهذا هو دورنا نحن كمؤمنين وككنيسة يجب أن نتعامل مع هذا المجتمع.. وأن نحدد المشكلة وأن نمد يدنا بالمساعدة ليس فقط للجريح.. ولكن مساعدة اللصوص والخارجين على القانون، إنهم أيضًا مرضى يحتاجون إلى المساعدة وإلى العلاج..
إن ما يحدث حولنا اليوم هو فرصة لنا كجماعة المسيح أن نتجاوب مع مشاكل هذا المجتمع، كما تجاوب هذا السامري الصالح.. الذي كان له قلب مُحب ملآن بالرحمة نحو هذا الإنسان.. هذا السامري الذي قدم من وقته ومن جهده ومن ماله لمساعدة هذا الرجل الجريح.
كانت خدمة يسوع على الأرض هي خدمة المحبة والرحمة والشفاء.. كان يجول يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس.
فهل ندرك رسالتنا كأفراد وككنيسة….