كل الأشياء تعمل معا للخير
“ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوين حسب قصده” (رو28:8).
الآية السابقة من أجمل الآيات، ومعظم المؤمنين كبارًا وصغارًا يحفظون كلماتها ويرددونها عن ظهر قلب.
ولكن السؤال الذي يراودني هل نحن نؤمن حقًا بأن كل الأشياء تعمل معًا للخير في حياتنا؟
عندما تتعطل سيارتي على طريق السفر هل أرى أن في ذلك خيرًا؟
عندما أحاول أن أنجز عملاً ولكن الأمور لا تسير كما كنت أرجو هل أرى في ذلك خيرًا؟
عندما لا أحصل على الوظيفة، أو العمل الذى كنت أحلم به هل أرى في ذلك خيرًا؟
عندما لا يحقق ابني، أو بنتي المجموع الذى يؤهله للدخول إلى كلية معينة، وتغير مجرى حياته إلى كلية أخرى هل أرى في ذلك خيرًا؟
إن مشكلتنا أننا ننظر إلى كل الظروف التي تمر بنا بعيون بشرية، وعيوننا البشرية محدودة لا ترى إلا الحاضر، ولكن الله الذى يحبنا يرى كل شيء.. الماضي والحاضر والمستقبل كله مكشوف أمامه إنه فوق الزمن.
إن الله في محبته مرات كثيرة يمنع عنا شيئًا، أو يعطل لنا أمرًا ونتساءل نحن: أين الخير؟ ونقول: لماذا يارب؟ ولكن الله يحبنا ولا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال. وعلينا أن نؤمن، ونصدق أن كل الأشياء تعمل معًا للخير.
- قرأت قصة عن ملك له صديق، وكان الملك وصديقه لا يفترقان إلا نادرًا. يخرجان معًا ويجلسان معًا.
وفي يوم من الأيام خرج الملك وصديقه إلى رحلة صيد في إحدى الغابات، وطلب الملك من صديقه أن يجهز له بندقية الصيد وأن يضع فيها الطلقات المناسبة. فقام الصديق بتجهيز البندقية وأعطاها للملك، ولكن الصديق أخطأ في أعداد البندقية فعندما ضغط الملك على الزناد أرتدت الرصاصة من البندقية وقطعت أصبعه.
فغضب الملك غضبًا شديدًا على صديقه، وأمر أن يُلقى في السجن، ولكن الصديق كان مؤمنًا وذهب إلى السجن بدون تذمر وقال: لابد أن هذا الأمر للخير، وطوال فترة وجوده في السجن كان دائمًا يرى كل شيء أنه للخير.
وبعد مضي حوالي عام والصديق مازال في السجن، خرج الملك بمفرده إلى رحلة صيد ولكنه ضل طريقه في الغابة، وسقط بين أيدى قبيلة من آكلة لحوم البشر، فأمسكوا بالملك وأوثقوه بالحبال ليكون وليمة عشاء.. ولكن فجأة!! لاحظ أحد أفر القبيلة أن أصبع الملك مقطوع، فأبلغ رئيس القبيلة والذي بدوره أمر بأن لا يُمَس بسوء، وبسبب أصبع الملك المقطوعة قرروا أن يطلقوا سراحه حيث أنه لا يصلح للأكل بسبب هذا العيب حيث أنهم لا يأكلوا شخصًا ما لم يكن سليمًا تمامًا وليس فيه عيب..
وأنطلق الملك حرًا وهو لا يصدق أنه قد نجا من الموت.. وفكر في صديقه الذى في السجن… وأنه لولا خطأ هذا الصديق في أعداده البندقية ما كان أصبعه قد قُطع وبالتالي لكان سليمًا ولكان أفراد القبيلة قد ذبحوه وأكلوه.
وأسرع الملك إلى السجن وأطلق سراح صديقه، وأخذ يعتذر له عن الفترة التى قضاها في السجن ولكن الصديق قال للملك: “أن وجودي في السجن كان لخيري ونجاتي” فلو لم أكن في السجن لكنت قد ذهبت معك إلى رحلة الصيد، ولكنا قد سقطنا كلانا في أيدي القبيلة، ولكانوا قد ذبحونا وأكلوا لحمنا نحن الاثنين. لذلك لاتتأسف يا صديقي الملك لأن السجن كان خيرًا.
ما أكثر الذين يرون أن السجن شرًا وظلمًا، ولكن هذا الرجل كان لدية إيمان بأن كل ما يحدث في حياته هو خير من عند الله.
- أعرف شخصًا أمريكيًا لديه ابنه شابه، ذهبت مع زملائها في رحلة إلى تايلاند، وقبل سفرها اجتمعت العائلة كلها وصلوا من أجلها ليحفظها الله خلال سفرها.
وسافرت الفتاة ووصلوا إلى تايلاند وأستقلوا أتوبيسًا ليذهب بهم إلى إحدى الشواطئ.. وفي الطريق إلى الشاطئ تعطل بهم الأتوبيس لمدة ثلاث ساعات، وتضايقوا من هذا العطل المفاجئ… ولم يجدوا في هذا الأمر خيرًا، بل تعطيلاً عن قضاء وقت ممتع على الشاطئ.. ولكن الذي حدث أثناء تعطل الأتوبيس أن ضرب زلزال تسونامي المكان، وهاجت الأمواج وارتفعت على الشاطئ ومات كل الموجودين بالمنطقة. ولكن بسبب تعطل الأتوبيس حفظ الله حياة الفتاة وكل زملائها. لم يروا في تعطل الأتوبيس خيرًا ولكن الله حول هذا العطل إلى خيرهم ونجاتهم.
إن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله.
“أدخلوا أبوابه بحمد. دياره بالتسبيح. أحمدوه باركوا اسمه لأن الرب صالح. إلى الأبد رحمته وإلى دور فدور أمانته” (مز100: 4-5).
“فأعلموا أن الرب قد ميز تقيه” (مز4: 3).
“أما أنا فعلى رحمتك توكلت. يبتهج قلبي بخلاصك. أغني للرب لأنه أحسن إلي” (مز13: 5-6).
“إنما خير ورحمة يتبعاني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام” (مز23: 6).